هل تثور شعوب العراق وسوريا ولبنان على إيران؟

اشتعلت مظاهرات شعبية في كل من لبنان والعراق ومحافظة ديرالزور شرق سوريا، تطالب بمحاربة الفساد والإصلاح وإسقاط الحكومتين العراقية واللبنانية المقربتين من إيران، وطرد الميليشيات الإيرانية من محافظة ديرالزور. 

ولا يحفى طابع العداء لإيران في المظاهرات التي عمت مناطق عدة في العاصمة العراقية بغداد، بعد إطاحة الأذرع التابعة لطهران باللواء الركن عبد الوهاب الساعدي.

كما تشير المظاهرات التي طالبت بإسقاط الحكومة اللبنانية إلى تململ الشارع من السياسة الحالية للحكومة اللبنانية تجاه النظامين السوري والإيراني عبر ميليشيا "حزب الله"، التي تسببت بفرض عقوبات أمريكية على لبنان المثقل بالديون الخارجية.

وفي ديرالزور، شرق سوريا، خرجت مظاهرات شعبية على مدار أسبوعين هتف المتظاهرون فيها ضد إيران وطالبوا بخروجها وإخراج ميليشياتها من محافظة ديرالزور.

العراق يغضب

أفاد مراسل إيران إنسايدر، يوم الأربعاء، بخروج مظاهرات جديدة في العاصمة العراقية بغداد لليوم الثاني على التوالي.

وقال مراسلنا، إن الجيش العراقي عزز انتشاره في شوارع الناصرية لدعم قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين السلميين.

وأضاف أن مظاهرة انطلقت في منطقة الزعفرانية (جنوب شرق بغداد)، وكذلك في مدينة الصدر (شرق بغداد)، مشيرا إلى أن قوات الأمن العراقية أغلقت جسر الجمهورية الرابط بين منطقة ساحة التحرير والمنطقة الخضراء أمام حركة المرور مع إشعال النيران في إطارات السيارات من قبل المتظاهرين.

وتأتي المظاهرات بعد يوم دامٍ، قتلت فيه قوات الأمن العراقية ثلاثة متظاهرين سلميين، وأصيب قرابة 200 آخرين بجروح، جراء إطلاق الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع على جموع المتظاهرين في ساحة التحرير.

دعوى قضائية

وكشف محمد مجيد رئيس تجمع محاميي "جيل العطاء"، عن التحرك بقوة لإقامة دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي وعدد من القيادات الأمنية لمحاسبتهم على ارتكاب جرائم القتل العمد واستعمال القوة المفرطة المميتة ضد متظاهرين عزل دون أي مبرر.

وأضاف أن جبهة المحامين ستوكل نفسها عن المتظاهرين السلميين فقط –بالمجان- وتقوم بالدفاع عنهم والذين تم توقيفهم، مع متابعة حقوق ذوي القتلى والمصابين والمتضررين من المتظاهرين وعناصر القوات المسلحة والشرطة.

بدوره، طالب النائب هوشيار عبدالله القيادات الأمنية بفتح تحقيق في الاعتداء على المتظاهرين وإعلان نتائجه ومحاسبة من اعتدوا عليهم، مشددا على أن التظاهر السلمي حق يكفله الدستور ولا يحق لأية جهة مصادرته تحت أي ظرف، ملمحا إلى أن المتظاهرين في بغداد والمحافظات كانوا سلميين يطالبون بحقوقهم المشروعة وأولها القضاء على الفساد وتوفير فرص العمل والتعيينات.

فيما وجهت رئاسة مجلس النواب لجنتي الأمن والدفاع وحقوق الإنسان النيابيتين بفتح تحقيق بالأحداث التي رافقت تظاهرات الثلاثاء في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد.

من جانبه، دعا عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة إلى اجتماع طارئ للبرلمان لبحث تظاهرات بغداد.

بدوره، أصدر ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي بيانا دان فيه بشدة استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين، بحسب البيان.

وطالب العبادي الحكومة بفتح تحقيق شامل للوصول إلى العدالة.

وجاء في البيان "في الوقت الذي نطالب بالحفاظ على الأمن والسلم والممتلكات العامة والخاصة، فإننا نرفض تسييس التظاهرات الشعبية أو توظيفها حزبيا ومصالحيا، ونشدد على الحوار البنّاء والإيجابي مع ممثلي المتظاهرين. ونطالب الحكومة للقيام بواجباتها لخدمة الشعب وصيانة حقوقه ومطالبه المشروعة".

ويطالب المتظاهرون بإجراء إصلاحات، ومحاربة الفساد، وتوفير فرص العمل، وإبعاد المؤسسة العسكرية عن الخلافات السياسية والمزايدات، ورفعوا صورة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي اعتراضا على الإطاحة به من جهاز مكافحة الإرهاب بأوامر إيرانية.

وفي محافظات ميسان وواسط، خرجت مظاهرات عدة للمطالبة بحل مجالس المحافظات وتحسين الواقع الخدمي وإبعاد الفاسدين عن المناصب، في وقت منعت فيه القوات الأمنية تجمع عدد من المتظاهرين وسط البصرة.

مظاهرات لبنان

وتظاهر مئات اللبنانيين، في العاصمة بيروت، يوم الأحد، احتجاجا على تدهور الوضع المعيشي والأوضاع الاقتصادية، بعد تراجع قيمة الليرة اللبنانية للمرة الأولى منذ ما يزيد عن عقدين.

وتوجه المتظاهرون إلى شارع المصارف وساحة رياض الصلح، للاعتصام أمام سرايا الهرمل الحكومي الكبير.

ودعا "حزب سبعة" المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة الشهداء للتوجه نحو السراي، ورفع المحتجون شعارات تندد بالفساد والإهمال.

وألقيت كلمات عدة وقطع السير لبعض الوقت، وسط إجراءات لقوى الأمن الداخلي التي عملت على تحويل السيارات إلى شوارع فرعية.

وتم قطع طريق عام المصنع-راشيا من قبل محتجين على الاوضاع الاقتصادية. وباكرا عمد بعض المحتجين في مناطق عدة الى قطع الطرقات، حيث تم قطع طريق بعلبك الدولية لبعض الوقت.

وهاجم بعض المحتجين ساسة لبنان وأنحوا عليهم باللائمة في الفساد المستشري في البلد، وذهب آخرون إلى المطالبة بإسقاط "الحكومة الفاشلة" وهتفوا "الشعب يريد إسقاط النظام"، فيما نادى آخرون بوضع جميع المسؤولين الحاليين في الإقامة الجبرية.

ويعاني لبنان من ديون من بين الأعلى في العالم، حيث بلغت 68 مليار دولار أو ما يزيد على 150% من إجمالي الناتج المحلي.

وجاء تدهور الليرة اللبنانية بعد أسبوعين من فرض عقوبات أمريكية على بنك "جمّال ترست بنك" بسبب تعامله مع حزب الله.

وتقول مصادر إن عقوبات أمريكية ستطال مصارف جديدة بعد ثبوت تعاملها المالي مع حزب الله الذي تصنفه واشنطن على قوائم الإرهاب.

ونشرت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية تقريرا عن أزمة الدولار في لبنان، مشيرة إلى أن سياسة تثبيت سعر صرف الليرة التي صمدت لأكثر من عقديْن "تحت الحصار" لن تصمد بعد الآن.

وانطلقت الوكالة من تعميم مصرف لبنان، لافتة إلى أن هذه الخطوة تعد بمثابة اعتراف ضمني بأن الجميع يعمل في ظل سعر صرف موازٍ. وحذرت الوكالة من أن اتساع التفاوت بين أسعار الصرف أثار مخاوف بين اللبنانيين من أن انزلاقا حادا بات مسألة وقت.

تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وارتفاع نسب البطالة، وتدهور الوضع المعيشي، وغلاء الأسعار، وسيطرة ميليشيا حزب الله على مفاصل الدولة، كل مؤشرات تدل على أن مظاهرات لبنان ستتسع خلال الأسابيع المقبلة وأن الانفجار الداخلي قادم لا محالة، وفق محللين.

ديرالزور تنتفض

وفي ديرالزور (شرق سوريا)، أخذ طابع المظاهرات شكلا صريحا أكثر، ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات تهاجم الوجود الإيراني في محافظة ديرالزور وتدعو لصردها وميليشياتها.

وعلى مدار أسبوعين تظاهر مئات المدنيين، للمطالبة بطرد إيران رافعين شعارات "الموت لإيران".

وقتل وأصيب عدد من المدنيين، يوم الجمعة 20 أيلول/سبتمبر، برصاص حاجز تابع لقوات النظام في بلدة الصالحية بريف ديرالزور (شرق سوريا)، بعد خروجهم بمظاهرات ضد الوجود الإيراني في المنطقة.

وقالت شبكة "دير الزور 24"؛ إن ثلاثة أشخاص قتلوا، وجرح أكثر من عشرة آخرين، جراء إطلاق النار من قبل قوات النظام باتجاه المتظاهرين في دير الزور، الذين رفعوا شعار "الموت لإيران".

وخرج مئات المدنيين من عدة مناطق في ريف ديرالزور، في مظاهرة حملت عنوان (جمعة التحرير)، للمطالبة بانسحاب قوات الأسد والميليشيات الإيرانية من القرى والبلدات التي تسيطر عليها شرق الفرات "خشام وحطلة ومراط والحسينية والصالحية".

وبحسب شبكة "ديرالزور 24" المحلية؛ فإن المتظاهرين انطلقوا من منطقة المعامل باتجاه حواجز قوات النظام في بلدة الصالحية، وتمكن عدد من المتظاهرين من السيطرة على حاجز كازية الصقر عند مدخل بلدة الصالحية الشمالي من جهة المعامل، بعد انسحاب قوات النظام منها.

وأشارت إلى أن المتظاهرين تمكنوا من اعتقال عناصر من قوات النظام بينهم ضابط برتبة عميد، بعد تطويقهم في حاجز كازية صقر، ومن جانبها اعتقلت قوات النظام عددا من المتظاهرين الذين اقتربوا من الحاجز الثاني في بلدة الصالحية.

ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها "الموت لإيران" و"سوريا حرة إيران تطلع برا" و"من يساعدنا على التخلص من الاحتلال الإيراني هو صديقنا".

تغلغل إيراني

وعززت إيران انتشارها العسكري والثقافي والاجتماعي في محافظة ديرالزور (مدينة ديرالزور، والميادين، والبوكمال) شرق سوريا، في ظل غياب تام للنظام السوري وقواته، وتعتمد طهران على ست ميليشيات أجنبية لبسط سيطرتها الكاملة على العقدة الأهم في طريقها البري من العراق تجاه سواحل المتوسط في سوريا ولبنان.

ويقود "سلمان الإيراني" الميليشيات التابعة لإيران في مناطق شرق سوريا، ويتخذ من قرية تقع قبالة قرية الباغوز بريف ديرالزور كمقر رئيسي له، وينتشر أكثر من 150 مسلحا من ميليشيا "فاطميون" الأفغانية لحماية المقر.

وتتمركز الميليشيات التابعة لإيران في البوكمال والميادين، وتنتشر ميليشيا "حزب الله" اللبنانية إضافة لـ"كتائب حركة النجباء" العراقية، وميليشيات "زينبيون" الباكستانية و"فاطميون" الأفغانية، و"لواء الإمام الحُجّة" التابع للحرس الثوري الإيراني، وكتائب ميليشيا "حزب الله" العراق على الحدود السورية العراقية.

وترسل إيران السلاح لميليشياتها شرق سوريا، من مدينة القائم العراقية، وتسلمها للقيادي "سلمان الفارسي".

وتنشر إيران التشيع في دير الزور وخاصة في مناطق الريف (الغربي والشرقي) مستغلة الفقر المنتشر فيها، والتهميش الكبير الذي تعانيه، خاصة المناطق التي سيطر عليها النظام السوري مؤخرا.

عبدالرحمن عمر – إيران إنسايدر

مقالات متعلقة

الأربعاء, 2 أكتوبر - 2019