إضراب تضامني ومظاهرات في قلب طهران وحصيلة جديدة لقتلى الاحتجاجات

طاهرة الحسيني
وصل عدد ضحايا الاحتجاجات الذين سقطوا على أيدي قوات الأمن الإيرانية إلى 328 شخصًا
وصل عدد ضحايا الاحتجاجات الذين سقطوا على أيدي قوات الأمن الإيرانية إلى 328 شخصًا

بدأت مدن إيرانية عدة، الأربعاء إضراباً تضامنياً في ذكرى مرور أربعين يوماً على قتل قوات الأمن عشرات المتظاهرين في حملة على الاحتجاجات في جنوب شرق البلاد الذي تمزقه نزاعات، في وقت تواصلت فيه الاحتجاجات بمدن إيرانية عدة تطالب بإسقاط النظام، بالتزامن مع تأكيد منظمة حقوقية أن عدد قتلى الاحتجاجات تجاوز 328 شخصا. 

وأطلقت قوات الأمن النار على الاحتجاجات التي اندلعت في 30 سبتمبر/ أيلول بعد صلاة الجمعة في زاهدان عاصمة إقليم سيستان بلوشستان الواقع على الحدود الجنوبية الشرقية لإيران مع باكستان.

وتهزّ حركة احتجاجية إيران منذ مقتل الشابة مهسا أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر/ أيلول، بعد ثلاثة أيام على توقيفها بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة التي تفرضها الجمهورية الإسلامية.

مظاهرات متواصلة

وأظهر مقطع فيديو مصور أهالي مدينة "مهاباد" (غربي إيران) وهم يشيعون الشاب مام قادري الذي قتل على يد القوات الأمنية الإيرانية أثناء الاحتجاجات في أوروميه.

واحتشد مئات الأهالي في بوكان (غربي إيران) في الشوارع، وسط هتافات "الموت للديكتاتور خامنئي".

فيما أضرم محتجون النار في تمثال قاسم سليماني وسط العاصمة طهران.

وهتف متظاهرون في حي "ستارخان" بطهران ضد النظام، تنديدا بمقتل الشاب البلوشي "خدانور" في جمعة زاهدان الدامية.

وانطلقت مظاهرة ليلية في شارع "انقلاب" الاستراتيجي وسط طهران وسط هتافات ضد النظام.

ونظم مجموعة من المحتجين، تجمعات في منطقة "سعادت آباد" في طهران، ورفعوا شعار: "الموت للديكتاتور".

كما أظهر مقطع فيديو، إضرام النار بصورة كبيرة للمرشد الإيراني علي خامنئي من قبل أحد الشبان المحتجين في الأهواز (جنوب غربي إيران).

وأغلقت مجموعة من المتظاهرين في سقز، (غربي إيران)، الشارع بإشعال النار، تزامنا مع أربعينية مجزرة زاهدان، وهتف المتظاهرون: "الحرية الحرية".

وانتفض الإيرانيون في حي "جهار باغ عباسي" في أصفهان (وسط إيران)، وهتفوا شعارات ضد النظام.

كما خرجت مظاهرات مسائية قي مدينة "كرمان"، وهتف المتظاهرون "الموت للديكتاتور خامنئي"، فيما ردت القوات الأمنية باستخدام الرصاص الحي ضد المحتجين السلميين.

وانطلقت مظاهرات في "بندر عباس" (جنوبي إيران)، وسط هتافات مناهضة للنظام.

وخرجت تظاهرات في كل من "رشت وشيراز، وكرمانشاه، هتفت ضد النظام الإيراني.

الجمعة الدامية

ونشرت قناة "تصوير 1500" على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر ناشطين يوزّعون منشورات تدعو إلى الاحتجاج الأربعاء في كل المدن بمناسبة ذكرى مرور أربعين يوماً على "الجمعة الدامية" في زاهدان.

وكانت تظاهرات واسعة النطاق جارية في مدن بانيه وكرمانشاه ومريفان وسنندج ومدينة سقز، مسقط رأس أميني، على ما قالت منظمة "هينكاو" لحقوق الإنسان ومقرها النروج، مشيرة إلى أن الإضراب عن العمل نظّم "تضامناً مع الضحايا في زاهدان، في الذكرى الأربعين لوفاتهم".

وأظهر مقطع فيديو نشره على الإنترنت ناشطون، متاجر مغلقة في سقز وزاهدان.

واندلعت أعمال العنف في زاهدان في 30 سبتمبر/ أيلول بسبب أنباء عن اغتصاب مزعوم لفتاة تبلغ 15 عاماً خلال احتجازها لدى الشرطة.

وأطلقت قوات الأمن النار على رجال نزلوا إلى الشوارع بعد خروجهم من مساجد عقب صلاة الجمعة، ما أدى إلى مقتل العشرات. 

وقالت "هينكاو": "ما حدث ذلك الجمعة... في زاهدان، بموجب القانون الدولي، مثال واضح على القتل الجماعي للمدنيين". وكتبت على "تويتر": "يجب أن تعترف المنظمات الدولية والحكومات الغربية بهذا القتل الجماعي".

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران إن 92 متظاهراً على الأقل قتلوا في 30 سبتمبر/ أيلول في زاهدان، إحدى المدن القليلة ذات الأغلبية السنية في إيران ذات الأغلبية الشيعية.

ومنذ ذلك الحين، قُتل 28 شخصاً على الأقل في سيستان بلوشستان، كما أفادت المنظمة وكالة "فرانس برس" الأربعاء. وتُعتبر مقاطعة سيستان بلوشستان الفقيرة نقطة اشتعال لاشتباكات عصابات تهريب مخدرات ومتمردين من الأقلية البلوشية وجماعات سُنية.

ويشتكي ناشطون من أن المنطقة كانت ضحية للتمييز من جانب القيادة الدينية الشيعية في إيران، مع مقتل عدد غير متناسب من البلوش في الاشتباكات كل عام والإعدامات شنقاً.

ونفذ أحدث حكم إعدام الأربعاء، عندما أعلنت السلطة القضائية الإيرانية إعدام شخصين دينا بقتل أربعة عناصر من الشرطة عام 2016 في محافظة سيستان بلوشستان.

وأفاد موقع "ميزان أونلاين" التابع للقضاء، بأن عنصرين من جماعة جيش العدل المصنّفة "إرهابية" من قبل طهران، هما "رشيد بلوش وإسحاق آسكاني، أُعدِما أمس (الثلاثاء) في سجن زاهدان"، مركز المحافظة الحدودية مع أفغانستان وباكستان.

حصيلة جديدة

وذكر موقع "هرانا" المعني بحقوق الإنسان في إيران، أنه بحسب مصادره، وصل عدد ضحايا الاحتجاجات الذين سقطوا على أيدي قوات الأمن الإيرانية إلى 328 شخصًا حتى يوم الأربعاء 9 نوفمبر.

ونشر "هرانا" إحصائية جديدة لضحايا الاحتجاجات التي عمت إيران، والمرتبطة بالفترة من 17 سبتمبر إلى 8 نوفمبر 2022.

وبحسب هذه الإحصائيات، فمن بين 328 قتيلًا في الاحتجاجات حتى الآن، كان "50 شخصًا" دون سن 18 عامًا.

تهديدات بقتل صحافيين

ولا يبدو أن الاحتجاجات على مقتل "أميني" تضعف، رغم القمع الدموي وحملة الاعتقالات الجماعية التي أدت إلى توقيف فنانين ومعارضين وصحافيين ومحامين. 

وقادت نساء المسيرات ونزعن غطاء الرأس وأحرقنه ورددن شعارات مناهضة للنظام وواجهن قوات الأمن في الشارع رغم حملة قمع أدت إلى مقتل العشرات.

وتبنّت السلطات الإيرانية مجموعة من الأساليب، في محاولة لقمع الاحتجاجات التي استحالت أكبر تحدٍّ للقيادة الدينية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وأطلقت القوات الأمنية النار مباشرة على متظاهرين باستخدام الذخيرة الحية وكرات الطلاء وألقت عليهم الغاز المسيل للدموع.

كذلك فرضت إيران قيوداً على الإنترنت، بما فيها الوصول إلى إنستغرام وواتساب، ونشرت حتى شرطة الخيالة في شوارع العاصمة طهران، في محاولة لقمع الاحتجاجات. واتُّهم الحرس الثوري هذا الأسبوع بتهديد صحافيَّين إيرانيَّين يعملان في قناة "إيران إنترناشونال" التلفزيونية الناطقة بالفارسية، ومقرها لندن، بالقتل.

وكتبت "فولانت ميديا" Volant Media، في بيان، أن الصحافيَّين تلقيا "تحذيرات وتهديدات ذات مصداقية" الأمر الذي دفع شرطة لندن إلى "إبلاغ الصحافيين رسمياً بأن هذه التهديدات تشكل خطراً داهماً وموثوقاً وكبيراً على حياتهما وأفراد أسرتيهما".

تهديد صريح

إلى ذلك، حذّر وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب، الأربعاء، بريطانيا من أنها ستدفع ثمن محاولات "زعزعة الأمن" في الجمهورية الإسلامية.

وقال "خطيب"، في حوار نشرت وكالة "إرنا" الرسمية مقتطفات منه: "في الأحداث الأخيرة، كانت يد الكيان الصهيوني في التنفيذ، ويد البريطانيين في الإعلام ويد السعوديين في التمويل، هي الأكثر وضوحاً". 

وأضاف: "لن نكون أبداً مثل بريطانيا داعمين للأعمال الإرهابية وزعزعة الأمن في دول أخرى، لكن لن يكون لدينا التزام بمنع حدوث زعزعة الأمن في هذه الدول، لذلك ستدفع بريطانيا ثمن أفعالها لجعل إيران غير آمنة".

وتنتقد إيران بريطانيا لاستضافتها قنوات ناطقة بالفارسية تعتبرها طهران "معادية"، وخصوصاً "بي بي سي فارسي" التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية، وقناة "إيران إنترناشونال" التي يتّهمها مسؤولون في إيران بتلقي تمويل من الخصم الإقليمي، السعودية. 

وقال خطيب إن "إيران إنترناشونال" تعتبر "منظمة إرهابية من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، وسيكون عناصرها مطلوبين من قبل وزارة الأمن".

إيران إنسايدر

ايران النظام الايراني طهران احتجاجات ايران قمع الاحتجاجات مهسا اميني بلوشستان زهدان